الوجه الأول: من أين صح أن الآية {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات} نزلت في بني تميم

الوجه الثاني: إن نداءهم له - صلى الله عليه وسلم - من وراء الحجرات كان قبل إسلامهم

الأول: من أينَ صَحَّ (?) أنَّها نزلت في بني تميم، وأنَّها نزلت في المسلين، والطريق إلى صِحة ذلك عندك مشكوك في إمكانها وتعذرها كما في سائرِ الأخبار.

الثاني: أنَّ نِدَاءهم له -عليه السلام- مِن وراء الحُجُرَاتِ كان قبل إسلامِهم، وإنَّما قال الله: {أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُون}، لأجل ندائهم، هذا هو السابقُ إلى الأفهام كما إذا قلت: إنَّ الذين يكفرون بالله لهم عذاب أليم. فإنَّ العذابَ الأليمَ مستحقٌّ بسبب الكفر، وهو تنبيه ظاهر على العلة، وقد ذكره أهلُ الأصول. قالوا: لو قال -عليه السلام- من أحدث فليتَوضَّأ، كان ذلك تنبيهاً على أنَّ الحدث هو الموجبُ للوضوء، فإذا ثبت ذلك، لم يتوجَّه عليهم بَعْدَ الإسلام الذمُّ الذي صدر على فعلهم قَبْلَه، وإنّما أنزَلَهُ اللهُ بعد إسلامهم تأديباً لهم ولغيرهم أن لا يعودوا لمثله، كما أنزل بعدَ توبةِ آدم -عليه السلام-: {وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] تأديباً لِغيره من الأنبياء-عليهم السلام- ولِحكمة يستأثِرُ اللهُ تعالى بعلمها، وكما قال في طائفة من الصحابة يوم أحد: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنيا} مع وقوله: {وَلقَدْ عَفَى عَنْكمْ} [آل عمران: 152].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015