" المُنتقى "، وهو ثقةٌ عارفٌ بصيرٌ بالمُسند، فأكل الرِّبا المعلوم من المغلَّظاتِ المُوبِقَاتِ، وفيه يقول الله في آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: 130 - 131].
ومن ذلك قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِير}، إلى قوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد} [آل عمران: 28 - 30]. وفي هذه الآية وعيدٌ شديدٌ من وجهٍ، وذلك أن الرؤوف بالعباد لا يُعاقِبُ إلاَّ حيث عَلِمَ أن العقوبة أرجحُ من العفو لِمَا اشتملت عليه من المصالح التي استأثر بعلمها، لا سيما العقوبات الدنيوية كالحدود والقِصاص، لذلك قال الله تعالى: {ولكم في القِصَاصِ حَياةٌ يا أُولي الألبابِ} [البقرة: 179]. وما أحسن قول العلامة ابن عقيلٍ: لا تأمَنْ عقوبة من أوجب قطع اليد في رُبع دينارٍ. ومن ها هنا قال الله تعالى: {ولا تأخُذُكُمْ بِهِما رأفةٌ في دين الله} [النور: 2]. ولذلك صح أنها كفَّاراتٌ، وقد تقدم ما ورد من تعجيل عقوبة المؤمن في الدنيا بالبلاوي والأمراض، وأنواع المصائبِ.
ولا شك أن الحامل على المعصية محبَّةُ اللَّّذَّة، وإدخالُ المَسرَّةِ العاجلة عليها. فإذا تقرر عند العارِفِ أنه مُعَاقَب عليها في الدنيا قبل الآخرة، ما ضر من صبر عن المعصية، حمى نفسه من المعاصي كما يحتمي العليلُ المجرِّبُ للمضَرَّةِ العظيمة في تناول كثير من الطَّيِّبات، وما أحسن قول بعضهم: