كلام في المفاضلة بين الغني الصالح المتصدق الشاكر وبين الفقير الصالح الصابر

عائشة أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن كنت تريدين الإسراع واللُّحوق بي، فليَكْفِكِ من الدنيا كزاد الرَّاكبِ، وإيَّاك ومُجالسَةَ الأغنياء، ولا تستخلفي ثوباً حتى تُرَقِّعيه ". رواه الترمذي (?).

وعن أبي هريرة، سمعتُه - صلى الله عليه وسلم - يقول: " اللهم اجعل رِزْقَ آل محمَّدٍ قُوتاً ". رواه البخاري ومسلم والترمذي، وقال حسن صحيح (?).

وعن فضالة بن عُبيدٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلَّى يَخِرُّ رجالٌ من قامتهم في الصلاة من الخَصَاصة -وهم أصحابُ الصَّفَّةِ- حتى يقول الأعراب: مجانين، فإذا صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، انصرف إليهم، فقال: " لو تعلمون ما لكم، لأحببتم أن تزدادوا فاقةً وحاجةً " (?).

فهذه أربعة وعشرون حديثاًً والأخبارُ في هذا أكثر من أن تُحصى، وإنما القصد هنا التنبيه على أن الفقر من جُملة المكفِّرات للذنوب، والمقرِّبات إلى الله تعالى، خصوصاً مع الصبر، فإنه حينئذٍ يدخل فيما وعدَ الله الصابرين، وإن شكر دخل فيما وعد الله أفضل الشاكرين، ولا يُناقِضُ هذا ما صح من استعاذة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفقر، لأن ذلك بمنزلة سؤال العافية، وقد تواتر سؤال العافية فعلاً وأمراً، مع تواتر الأجر العظيم في الأمراض، وذلك لضعفٍ البشر فالسُّنَّةُ وردت بسؤال العافية والغنى (?)، وبالصبر عند الابتلاء.

وأما المفاضلة بين الغَنِيِّ الصالح المتصدِّق الشاكر، وبين الفقير الصالحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015