الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُون} [الحجرات: 4] وكحديث وفد عبد القيس (?).
أقولُ: قد اشتملَ كلامُه -أيَّده الله- على مسائل: الأُولى: القدحُ على المحدِّثين بقَبولِ المجهول حالُه مِن الصحابة، وقولهم: إن المجهول حالُه مقبولٌ لا يحتاجُ إلى تعديلِ مُعدِّل، وهذا لا يقتضي القدحَ في صحة كُتُبِ الحديث لوجوه:
الوجه الأوَّلُ: أن القارىء فيها أن كان ممن يرى رأيَهم، جاز له أن يعمل بذلك، لأنَّها مسألة ظنية، وللمجتهد أن يَعْمَلَ فيها برأيه، وإنما قلنا: إنها ظنية، لأن أدلتها مِن العمومات، وأخبارِ الآحاد والقياسِ ظنيَّةً، وللمجتهد أن يعمل فيها برأيه وليس فيها دليلٌ قاطِعٌ من براهين العقل، ومن ادَّعى شيئاً غيرَ ذلك، فليَدُلَّ عليه.
الوجهُ الثاني: أن هذا المذهب لا يختصُّ به المحدِّثونُ، فيرميهم به، بل هو مذهب منشور مشهور، منسوب إلى أكثر طوائف الإسلام، وقد نُسب إلى الزيدية والشافعية والحنفية والمعتزلة وغيرهم من أكابر العلماء. أمَّا الزيديةُ، فنسبه إليهم علاَّمتُهُم بغير منازعةٍ الفقيهُ عبدُ اللهِ بنُ زيد في كتاب " الدُّرر ".