من ذنبه، ونسب الذنب إلى نفسه، غفر الله له. والقرآن يشهد لمعناه في حكم الخالطين كما تقدم.
وثانيها: استغفارُهم له سبحانه امتثالاً لأمره، وطمعاً في عظيم فضله، وواسع بِرِّه، حيث قال: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} [فصلت: 6]، وقال: {ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلك لمن يَشاءُ} [النساء: 48].
وثالثها: علمهم بسَعة قُدرته على كلِّ شيءٍ، واختصاصِ محبَّته للخير، وقد عبَّر عن ذلك سبحانه بقوله: {بِيَدِكَ الخيرُ إنك على كل شيءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26] وأمثالها، ولم يقل في آيةٍ قطُّ: بيده الشَّرُّ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ.
وفي " الصحيحين " عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هُريرة أنَّ رجلاً أذنبَ، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تعالى: أذنب عبدي (?) ذنباً، فعَلِمَ أن له ربَّاً يغفر الذنب، ويأخذ به، قد غفرتُ لعبدي، فعاد، فأذنب، فقال: اللهم اغفر لي، فقال لذلك، حتَّى قال العبد في الرابعة، فقال الله: " أُشهِدُكم أني قد غفرتُ لعبدي، فليعمل ما شاء ". رواه البخارى في التوحيد، ومسلم في التوبة، والنسائي في " عمل اليوم والليلة "، وأحمد في " المسند "، وهو الحادي والستون من مسند أبي هريرة في " الجامع "، والحاكم، وقال: على شرطهما ولم يخرِّجاه، فوهم في ذلك (?).
وروى الحاكم في التوبة من " المستدرك " أ (?) من حديث ابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله تعالى يقول: من عَلِمَ منكم أني ذُو قُدْرةٍ على مغفرة الذنوب. غفرتُ له ولا أُبالي، ما لم يُشْرِكْ بي شيئاً. قال الحاكم: حديثٌ صحيحٌ، وهو من حديث الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ.