إلى الصلاة فاغْسِلُوا وجوهكم} [المائدة: 6]، وكذلك في سائر أحكام الشريعة في الحدود والقصاص. ألا ترى أن الله تعالى قال: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً} الآية [النساء: 93]، فلو أن مؤمناً قتل صاحب كبيرةٍ من المُوحِّدين، وجب عليه القصاص بالإجماع، وكذلك قال العلماءُ في تفسير الرقبة المؤمنة في العتق.

قال الزمخشري في " الكشاف " (?) ما لفظه: والمراد بالرقبة المؤمنة: كلُّ رقبةٍ كانت على حُكم الإسلام عند عامَّة العلماء، وعن الحسن: لا تُجزىءُ إلاَّ رقبةٌ قد صلَّت وصامت، ولا تجزىء الصغيرة.

ومنه: {قال الذين كفروا للذين آمنوا} وأمثالها، ومثله ما تكرَّرَ من ذكر الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ففرق بين الإيمان والعمل، مع أن هذه الآيات هي من جُملة أدلة المُخالف، فانقلبت (?) عليه.

ومع أن قوله تعالى: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمنٌ} أخصُّ منها وأبْيَنُ، فيجبُ تفسيرُها بالأبين، ولو كانت حجةً للخصم لكنها (?) حجةٌ عليه، لا له، مع بقائها على ظاهرها.

يوضِّحه قوله تعالى: {أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم} [الأحزاب: 19]، ففرَّقَ بين الإيمان والأعمال في جميع الآيات، فمرَّةً جعلَ الإيمان شرطاً في صحة العمل، وموجباً لقبوله، وهي أبين الآيات، مثل ما تكرَّر في قوله تعالى: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمنٌ} وتارة عطف الأعمال على الإيمان عَطْفَ الشيء على غيره، وهو كثيرٌ في ذكر الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتارة جعل عدم الإيمان مُحْبِطاً للعمل، كقوله تعالى: {أولئك لم يُؤمنوا فأحْبَطَ الله أعمالَهُم}.

ومن ذلك قوله تعالى في " المجادلة " [3 - 4]: {والذين يُظَاهِرُونَ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015