شهراً كاملاً لطلب حديث واحدٍ، وهو حديثُ القِصَاصِ بلغه عن عبدِ الله بن أنيْس فسافر إليه إلى مصر حتَّى سمعَه مِنْهُ.
وقد ورد في صحيح مسلم عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ومَنْ سَلكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهَا عِلْماً سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقاً إلى الجنَّة " (?) وقد ذكر العلماء فضل الرحلة، ومن أعظم ما يستدل به على فضلها قصة موسى -عليه السلام- في طلب الخضر (?) -عليه السلام- فإنه لما قال الله له: إن لنا عبداً هو أعلمُ مِنْكَ، ارتحل في طلبه، وسأل اللهَ لُقياه، وقال لفتاه: {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]. والحقب: الدهر، وقيل: إنه ثمانون سنةً. هذا مع أنه كليمُ الرحمن، ومعلوم أنه لا يحتاج إلى الَخضِر -عليه السلام- في معرفة شيء من الحلال والحرام. فهذه رحلة في طلب الزائد على الكفاية من العلمِ وفيها دليلٌ للمستكثرينَ مِن طلب المعارف، وقد قال الله تعالى لنبيِّه -عليه السلام-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] مع ما آتاه الله تعالى من العلم العظيم. فإذا كان الأمرُ كذلك، فلا معنى للتَّخذيل من طلبِ فنٍّ من علومِ الدين وإيهام الضعفاءِ أنه مِن جملة