أشد وعيد في خطاب المؤمنين في قوله تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره}

ربكم لرؤوفٌ رحيم} [النحل: 47]، والتخوُّف: التنقص قليلاً قليلاً، ونسألُ الله العافية من ذلك كله، فإن البشر ضعيفٌ، وقليلُ العذاب شديد، ولا أمان من واحدٍ منهما، ولا نجاة إلاَّ برحمة الله فحسبنا الله ونعم الوكيل.

ومن أشدِّ وعيدٍ وَرَدَ في خطاب المؤمنين فيما علمتُه قوله تعالى في " الأنفال " [15 - 16]: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير} فهذا وعيدٌ شديد يخص المؤمنين، ولذلك لم يذكر فيه الخلود.

وعن الحسن البصري أنه مُختَصٌّ بيوم بدر (?)، وإن كان الفرار من الزحف أحد السبع الموبقات في كل موطن على ما ثبت في حديث أبي هريرة (?)، لكنه قد صحَّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فئة المسلمين، كما في حديث ابن عمر في فِرارِهم من نجد، وقولهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -: نحن الفرارون، فقال: " أنتم العَكَّارون " وهو صحيحٌ (?) فدلَّ على صحة قول الحسن البصري في أن هذا الوعيد يختصُّ بيوم بدر، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ كان معهم فيه، فالفِرار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتَرْكُه للمشركين يُنافي الإيمان، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدُكُم حتى أكون أحبَّ إليه من نفسه" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015