وحاطب (?)، وغيرهم، فازدادوا صلاحاً وتقوى، وكلُّ من تجرأ بعد سماع البشرى، فهو ممن عَلِمَ الله أنه جريء ولو لم يسمعها، وذلك مثل من تجرأ بعد سماع قبول التوبة، ومثل الشياطين الذين قال الله فيهم وفيمن أضلوه: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 161 - 163]، فنص على أنه ليس في خلقه لهم مفسدة، وكذلك جميع ما جاءت به رسله إلاَّ على الأشقياء الذين وصفهم الله بأن القرآن عليهم عمىً وهو أعظم الشقاء، وتأويل أهل السنة بالوجهين الأولين أصحُّ وأبعد من كل ما يَرِدُ على تأويلات المرجئة.
والإرجاء عند أهل السنة: بدعةٌ مذمومة لما فيه من مخالفة السنن الصحيحة، وإن كانت الأحاديت الواردة في ذم المرجئة غير صحيحة عند أئمة الأثر، كما أوضحتُه في الكلام على مسألة القدر، وقد اشتد خوفُ الصحابة من الله مع صحة إيمانهم وسماعهم للمبشرات بغير واسطةٍ، وقرب عهدهم، وأخبارهم في ذلك معلومةٌ في تراجمهم، والله أعلم.
ولا بد من ذكر ما أوجب ترجيح أكثر علماء الإسلام لقبول آيات الرجاء، وأخباره المتواترة بذكر ما حضرني منها مع بُعدي من لقاء علماء هذه الطائفة،