قُلْ للعذُولِ: أفِقْ فلسْت بمُنتَهٍ ... عَنْ حُبِّ أكمَل مَنْ تحلى فابعَدِ
لو لُمتنِي في الغَوْر لَمْ أشتقْ إلى ... شطيهِ أو في نَجْدِهِمْ لَم أُنجِدِ
أوْ كان لَوْمُكَ في التصَابِي مَا صَبا ... قَلبي، ولا غلبَ الغَرَام تجلدِي
أو لمْتَنِي في اللهو لَم أطْرب إلى ... نغمِ الغناءِ مِن الغَرِيضِ ومَعْبدِ
أوْ لُمْتني في المَال لَم يَسْتَهْوني ... نظَرُ اللُّجَيْنِ ؤلاَ نُضَار العسْجَد
أوْ لُمْتنِي فِي غَيْرِ حُبَّ مُحَمدٍ ... لَحَسبْتَ أنكَ بالنصِيحَة مُرْشِدِي
أو لَو أريت مَحَبة مثلاً لَهُ ... لِلمُهتدِي والمُرْتَجي والمُجْتدي
يهْديه أوْ يُجْديه أو يُغنِيه عَنْ ... نُور الرسُولِ الصادعِ المُتوقدِ
هَيهات ما ابْتهج الوُجودُ بِمثلِهِ ... فَدعِ اللجاجَ فَمِثلُه لمْ يُوجَدِ
يَا صَاحبى على الصبابَة في الهَوى ... منْ مِنْكُمَا في حُب أحْمد مُسْعِدِي؟
حَسبِي بأني قدْ شُهِرتُ بحُبِّهِ ... شَرَفاً بِبُرْدَتِه الجَميلة أرتدِي
لِي باسْمِه وَبِحُبهِ وبقُرْبِهِ ... ذِمَمٌ عظَامٌ قَدْ شَدَدْتُ بها يدي
وَمحمد أوْفى الخَلائقِ ذمةً ... فلْتَبْلُغَنَّ بِي الأمانِي في غَدِ
يا قلْبُ لا تَسْتبعِدَنَّ لقَاءَه ... ثِقْ باللقَاءِ وبالْوَفَا فكَأنْ قدِ
يا حَبذَا يَوْمُ القيامَة شُهْرتي ... بيْنَ الخلائق في المَقَام الأحْمَدِ
بِمَحَبتي سُنَنَ الرسُولِ وإنَّني ... فيهَا عَصَيْتُ مُعَنِّفِي ومُفَندي
وَتركْت فيهَا جِيرَتِي وَعشيرَتي ... ومَحَل أترَابِي وَموضِع مولدِي
فَلأَشكُوَن علَيه شكوى موجِعٍ ... مُتَظلًمٍ مُتَجرم مسْتنْجِدِ
مما لقيتُ مِنَ المتاعِبِ والأذَى ... في حبه من ظَالِمِي وحُسَّدي
وأقولُ: أنْجدْ صادِقاً في حُبه ... منْ يُنجِدُ المَظلُومَ إن لم يُنجدِ؟
إني أحِب محَمداً فَوْق الورى ... وَبِهِ كَمَا فَعلَ الأوائِلُ أقتَدِي
فقَدْ انْقَضَتْ خَيْرُ القُرونِ وَلمْ يَكنْ ... فِيهِم بغَيْرِ مُحَمد منْ يهْتدي
وأُحِب آلَ مُحَمدٍ نَفسي الفِدى ... لهُم فما أحدٌ كآل مُحمَّدِ