أحدهما: على أصول السلف وأهل السنة، كما مرَّ في الوهم الخامس عشر في القاعدة الثالثة من كلام ابن تيمية.

وثانيهما: على أُصول المتكلمين، فهو أن الناس على ضربين: منهم من يعرف العقيدة الصحيحة بالأدلة القاطعة، ومنهم من لا يعرف ذلك، فأمَّا الذي لا يعرفُ العقيدة الصحيحة، فإن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية توهمه ذلك كلها، ولا فرق في الإيهام، وأما من يعرف العقيدة الصحيحة، فإنه لا يتوهم من ذلك شيئاً، ولهذا فإن علماء العدل والتوحيد ما زالوا يقرؤون كتب الحديث، ولا يتوهمون التشبيه، ولا يعبِّرون بالظواهر، ولكن السامع لهذه الأحاديث يجد فرقاً بين سماع الحديث والآيات، وذلك الفرق ليس هو لأمرٍ يرجع إلى إمكان التأويل وتعذره، وإنما هو لوجهين:

أحدهما: أنه قد تمرَّن على سماع الآيات وتلاوتها وإلفها واعتيادها (?)، وللإلف والعادة تأثيرٌ في عدم الاستنكار، ألا ترى أن الإنسان يستنكر من الخطيب في بلاد المعتزلة لو سمعه يخطب بخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي أولها: " من يهده الله، فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ، فلا هادى له " (?). ولو أنه تلا آية من كتاب الله في هذا المعنى، لم يكن في الاستنكار بمنزلة الحديث، بل لو يسمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015