ويكشف ربُّنا عن ساقه، أي: رسول ربنا (?)، وهذا النوع المسمى بالإيجاز عربي فصيحٌ، ومنه قول جبريل عليه السلام: {لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيَّاً} [مريم: 19]، في أحد القراءتين (?)، ومنه قول عيسى عليه السلام: {وأُحيي الموتى بإذن الله} [آل عمران: 49]، أراد: ويحيي الله الموتى عنه إن أريد ذلك.
وانظر الفرق بين تأويلنا لهذا الحديث، وتأويل: {وجاء ربك}، أو: {يأتي ربك}، أن يأتيهم الله، فما ثمَّ فرقٌ أبداً إلاَّ أن هذه الألفاظ المؤوَّلة تكرَّرت في الحديث أكثر مما تكررت في الآيات. ومن المعلوم عند كل مُنصفٍ أن التأويل متى كان ممكناً في نفسه، حسناً بالنظر إلى اللغة، جاز تكريرُه، وحَسُنَ ترديده، لأن الشيء الحَسَنَ في نفسه لا يقبُحُ بتكريره، وإلا لزم ألا يجوز للإنسان أن يكرِّرَ تلاوة: {وجاء ربُّك} قدر مراتٍ كثيرةٍ، وما علمنا شيئاً يحسُنُ النطق به مرةً واحدةً ويقبُحُ تكريره.
وأما نسبةُ الضحك إلى الله تعالى في بعض تلك الأحاديث، فهو أسهل من هذا كله. وإن شئنا نسبناه إلى المَلَكِ الذي قدَّرنا أنه المراد، ويكون الضحك على ظاهره، والتجوز في إسناده، وإن شئنا كان الإسناد إلى الله تعالى على ظاهره، وجعلنا التجوز في الضحك لا في الإسناد، فقد صح نسبة الغضب إلى الله تعالى، وكذلك الرضا والعجب والضحك مثل هذه الأمور، وقد اشتهر الضحك المجازي في لُغة العرب، وشحن البلغاء أشعارهم بذكر ضحك البُروق