وقد تكلم الحفاظ في حماد بن سلمة وقدحوا فيه على جلالته وأمانته لغير سببٍ إلاَّ لروايته لهذا الحديث، فاجتنبه البخاري، وترك روايته، وأما مسلمٌ، فروى عنه مقروناً بآخر، وأورد حديثه في الشواهد والمتابعات، إلاَّ حديثه عن ثابت، وأنكره عليه حميد الطويل التابعي الجليل، وقال: " القول هكذا، فقال حماد: يقوله أنس، ويقوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكتمه أنا؟! "
ويحتمل أن يكون من هذا القبيل حديث المواصلة في الصوم في قوله عليه الصلاة والسلام: " أني لست كأحدكم، إني أبيتُ يطعمني ربي ويسقيني " (?)، وحديث عيسى عليه السلام الذي فيه: " آمنتُ بالله وكذبت بصري " (?)، ومن هذا القبيل حديث المعراج بطوله، وما كان فيه من رؤية الأنبياء عليهم السلام، وغير ذلك على أحد قولي العلماء من المفسرين والمحدثين وغيرهم، وهو صريح رواية (?) البخاري في " صحيحه " (?).
والصحيح في الجمع بين الأحاديث ما ذكره بعض العلماء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ذلك في المنام قبل النبوة، ثم رآه في اليقظة بعدها، كما رأى دخول مكة في المنام، ثم في اليقظة، قال الله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُون} [الفتح: 27]، وهذا تأويلٌ حسنٌ، لأن في الأحاديث الصحاح ما يدلُّ على أن معجزة الإسراء كانت في اليقظة، ومما صرح في متن الحديث الصحيح