وتلخيصُ كلامه: أن منعهم لذلك مجرَّد استبعاد، ولا مانع من كون الشيء مادة لمخالفه لا ضده، وإنما يمتنع لو كان يستلزم المُحال، ويؤدِّي إلى الجمع بين النَّقيضين، وأمَّا مجرَّدُ الاستبعاد، فليس هو أبلغ من استبعاد الفلاسفة لإنشاءِ الموجود مِنَ العدم المحض، كما هو قول أكثر أهل الإسلام، ومنتهى ما فيه أنَّ العقل يقِفُ هنا، ولا يقطع بشيءٍ، لكن السمع دلَّ عليه دلالات مختلفة متنوِّعة، فمنه حديث: " تجيء البقرة وآل عمران كأنَّهما غمامتان " (?)، وحديث: " إن ما يذكرون مِنْ جلال الله من تسبيحه وتمجيده وتهليله يتعاطفن حول العرش لهن دويٌّ يُذَكِّرن بصاحبهن " (?)، وحديث الصورة التي تقول للميِّت في قبره: " أنا عملُك الصَّالح أو السَّيِّىء " (?).

فهذا أمرٌ معقولٌ، لو لم يرد به النص، فورود النَّصِّ به من قبيل تطابُق السَّمع والعقل، ثم ساق ما ورد مِنَ الآثار. انتهى بالمعنى.

والسرُّ في هذ التنبيه أن يعرف المتكلِّمُ أنه لا حَرَجَ على من توقف في تأويل هذا الجنس من أهل الأثر، ولا تحلُّ غيبة المتوقِّف في هذا ولا انتقاصه، لأنه مسلمٌ محقونُ العِرْضِ، مستحقٌّ لحقوق جميع المسلمين، والبحث عن هذا -وإن كان من جليَّاتِ علم المعقول- فلا يجب عليه، والوقف في التأويل مع الجهل بالموجب له هو الواجب عليه، وليس كلُّ أمرٍ جليٍّ في العقل يجب على المسلمين النظر فيه، فإن من الجليَّات عند المنطقيين صدق قولنا إذا صدق أنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015