فإذا كان مثلُ هذا الصاحِب الجليل يُقسِمُ بالله الَّذي لا إلهَ إلا هو لَوْ يَعْلَمُ الناسُ ذنوبَهُ، لَحَثَوْا على رأسه الترابَ، فكيف بمن هو دونَه من سائر المؤمنين؟!.
والكلامُ في هذه الجملةِ يحتملُ التطويلَ، لتعلُّقه بالمصالح المرسلةِ وما يجوزُ منها، وما لا يجوز، وبالأقوالِ والحُجج في ذلك، وما يَرِدُ عليها، وما يُجَابُ به. وهذا بابٌ واسع، وبحر عميق، وليس القصدُ الاستيفاءَ، وإنما القصدُ التنبيهُ على مثارات الأنظار، وللناظر نظرة في مثل هذا. فهذه من المسائل الظنية، والأمرُ فيها قريبٌ إن شاء الله تعالى.
فهذه مُقَوِّمَاتٌ لاعتمادنا في رواية الحديث على مرسل الثقة، وإنما يعتمد عليها في إسناد الحديث وتسميته مسنداً وترجيحِهِ على المرسل، لأن رجال المسند من أهل العلم الَّذِين دلَّت هذه الوجوهُ على قبولهم. فأما قبولُه ومعرفةُ صحته، فاعتمادُنَا فيه على قبول المرسل على الشروط التي قدمناها، كما ذلك مذهبُ الجماهير من الأئمة -عليهم السلام-، وإن قدَّرنا عدمَ صحةِ الطريق المسندة.