وهو من اجتنب الكبائرَ والكذبَ والمُسَتَخفَّاتِ من المعاصي والمباحات، ومَثلَ للمستخفاتِ بالتطفيف بحبة، وللمباحات بالأكل على الطريق. ومما يُقَوِّيَ هذا ما ورَدَ في الحديث، وأجمعتِ عليه الأُمَّةُ من أنه لا تقبل (?) مَنْ بيْنَه وبينَ أخيه إحْنَةٌ (?) مع أنه مقبولٌ على مَنْ ليس بينَهُ وبينَه إحنة. فلم يُجْرَحِ المُسْلِمُ الثقةُ بالإحْنَة التي بينَه وبين أخيه ما لم يُسْرِفْ في العداوة إلى حدٍّ لا يتجاوزُ إليه أهلُ الدِّين، وأمَّا مجرد الإحنة، فوقوعها كثيرٌ بين أهل الخير قال الله تعالى: في صفة أهل الجنة {وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] وقد حكى الله تعالى وقوعَ بعضِ المعاصي مِن أنبيائه الكرام -عليهم أفضل الصلاة رالسلام- وقد جوَّز المنصور -عليه السلام- شهادة الفسقة المصرِّحين عند الضرورة، ونظراً إلى مصلحة العامة، فكيف بقبولِ مَنْ هو مِن القائمين بأركان الإسلام، والمجتنبين للكبائر، ولمعاصي الخِسّة، ولِمَا لَمْ تَشتدَّ المِحْنَةُ بملابسته من المعاصي؟! وإنك متى تركت شهادةَ هؤلاء ورِوايَتَهُم، واعتبرتَ قولَ المنصور بالله -عليه السلام- في العدالة: إنها الخروج مِن كل شبهة، ومحاسبةُ النفس في كل طرفةٍ ونحو هذا من التشديدات، تعطَّلت المصالحُ والأحكام، وتضرَّر جميعُ أهلِ الإسلام، ولم يَكَدِ الإنسانُ يجد مَنْ يشْهَدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015