ورُوِيَ عن أبي هريرة أنه كان إذا أعطاه معاوية، سكت، وإن لم يعطه، تكلم (?).
وكانت أرزاق الصحابة بعد صُلح الحسن عليه السلام من معاوية، فإنه تولى ما كان يتولاه الخلفاء من قبله من بُيوت الأموال وأرزاق المسلمين، وكانوا يُخالطونه ويحضُرُون مجلسه، ولهذا نُقِلَ عنهم في الأحاديث الصِّحاح أنهم كانوا ينكرون عليه ما فعله من المنكر بحضرتهم، ولو كانوا غائبين عن حضرته، ما اتفق منهم ذلك على ذلك الوجه، وذِكْرُ ذلك على التفصيل يطول.
ومِنْ أشهرِ ما يُذكر في هذا المعنى مخالطة علي بن موسى الرضا عليه السلام للمأمون بن هارون، وسكونه في قصره، واستنكاحُه ابنته لولده، ورغبته في مُصاهرته، واستمراره على ذلك حتى مات عليه السلام.
ومن ذلك ما رُوِيَ أن الإمام محمد بن إبراهيم صِنْوَ القاسم عليهما السلام، وفَد على بعض البرامكة، فرأى من كرمه وإكرامه أمراً عظيماً، فأقسم أن لا يوفد أحداً بعده، هذا وهو الذي كان القاسم عليه السلام من عُمَّاله، وكان يقال: أعْظِم بإمامٍ القاسم بن إبراهيم عليه السلام من عماله.
ومن ذلك مصاهرة الإمام المنصور بالله عليه السلام للسلاطين بني حاتم، وفي ديوانه عليه السلام ما لا مزيد عليه من الثناء عليهم، والتأليف لهم بالتهاني والمراثي وأمثال ذلك من المُلاطفات، وذكر إقامته معهم في ذي مرمر، والشَّوق إلى عَوْدِ تلك الأيام، وذكر طيبها على عادة الشعراء في الرَّقائق الشَّوقيَّة.