وأورد النواوي في كتاب " رياض الصالحين " (?) حديث: " اللهمَّ اجعل رزق آلِ محمَّدٍ قوتاً "، وفي رواية: " كفافاً ". ورواه البخاري ومسلم والترمذي من حديث أبي هريرة (?)، ولكنه أغرب في تفسيره، فقال: إنَّ القوتَ: سدُّ الرَّمَقِ، وليس كذلك، وإنما القوت كفاية الحاجة، كذا أو نحوه في " صحاح " الجوهري (?)، ويدلُّ عليه الرواية الأخرى: " اللهم اجعل رزق آلِ محمدٍ كفافاً "، ولا شك أن الكفاف، وكفاية الحاجة هو المقصود بالمعنى، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره الزيادة في الغنى.
وبالجملة، فما لم يعارض الأخبار المتَّفق على صحتها، فلا إشكال فيه، وما عارضها لم يَحِلَّ ترجيحُه عليها، وهي أقوى منه إجماعاً، فأما ما ورد في فضلِ الفقراء، فصحيحٌ، ولكن لا يُناقضُ هذا، فإنه من قبيل الأعواض على البلاوي، وليس يلزم المكلف البلوى ويسألها، لما فيها من العوض (?)، ولهذا لم يَرِدْ في الحديث سؤالُ المرض والجُذام والعمى ونحو ذلك، بل جاء في الحديث: " سؤال العافية في الدنيا والآخرة " (?) وإن كانتِ البلوى في الآخرة أكثر