ويأتي بيانُ قول الحنفية، واختيار الزنجاني (?) من الشافعية، وأبي الخطاب (?) من الحنابلة من التفصيل، وقول الزركشي من الشافعية: إنه المنصور ثبوته في الفِطرة وآيات القرآن، وسلامته من الوهن والتناقض (?).

قلت: وهذا الرازي -على غُلُوِّه في إبطاله- رجع إلى الاعتراف به في المعنى، لكن سمَّى الحُسْنَ كالعلم، والصدق صفة كمالٍ، والقبيح كالجهل، والكَذِبَ صفة نقصٍ، وليس الخلاف عنده إلاَّ في استحقاق صفة النقص هذه للعقاب في الآخرة، والذَّمِّ في الدنيا بمجرد العقل، وبذلك استدل على منع الكذب على الله سبحانه.

نعم، لو سلَّمنا ترك التحسين والتقبيح عقلاً بالمرَّة، جوَّزنا ما ذكره تجويزاً من غير قطعٍ، لكن يصعُبُ الاستدلال على أن الله سبحانه صادقٌ.

وفيما قدمناه من السمع دلائلٌ واضحةٌ على ثبوت التحسين العقلي، كقوله تعالى: {سَاءَ ما يَحْكُمُونَ} [العنكبوت: 4]، وقوله: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: 35 - 36]، وقوله في جواب الملائكة: {إنِّي أعلم ما لا تعلمون} [البقرة: 30]، {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء: 147].

ومن أحسنها دليلاً على ذلك: قصة الخَضِر وموسى وقوله في جواب الملائكة: {إنِّي أعلم ما لا تعلمون}، ولم يقل: إنه لا حكمة له (?) كما تظنُّون،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015