لا أثر للداعي عندهم، فإنه يجوز أن يفعل القادر ما لم يَدْعُ إليه داعٍ، كما فعل الله سبحانه في عذاب (?) الآخرة عندهم، وهذا داخلٌ عندهم في قِسْمِ الحسن، ولا معنى للعبث إلاَّ هذا، فالعبث عندهم حسنٌ، وهو على هذا جائزٌ على الله، تعالى عن ذلك عُلُوّاً كبيراً. فإن منعوا هذا، نقضوا أُصولهم في تجويز الفعل من غير داعٍ، كما نقضت الأشعرية أصولها في المنع من ذلك. وهكذا علم الكلام عامةً، أدلَّتُه تشتمل على التناقض، وعامة جهدهم في الاعتذار من ذلك، وغاية سؤلهم السلامة منه.

فاعجب لعلم وُضِعَ لرفع المشكلات، فكان أحسن أحوال أهله إيهام الخلاص منها بعد لزومه، أو دعوى وضوحه بعد غموضه، فهم في ذلك كناتش (?) الشوكة بالشوكة، والمستجير من الرَّمضاء بالنار (?). وكذلك علوم الفلاسفة وسائر من عادى الكتب السماوية والسنن النبوية.

ومن وازن بين ما جاؤوا به وما جاءت به الرسل زالت عنه الوساوس، وانجلت عنه الحنادِس (?)، ولا بد من وقوع العقول في المواقف والمحارات، وتسليم العقول لوقوع ما لم يُحكم بوقوعه في مذاهب الكفر والإسلام مثل وجود القديم سبحانه على كلام المسلمين، وقِدَم العالم على كلام الكافرين، أو حدوثه من غير محدث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015