فنسأل الله السلامة من هذا التدقيق، ونسأله أن يَهَبَ لنا عِوَضَه الإيمان والتصديق، واللطف والتوفيق.

على أن هذه الطائفة من الأشعرية يُناقضون نفي الحكمة والعِلَّة في أفعال الله تعالى في كتبهم في أُصول الفقه، خصوصاً في باب القياس، وقد صرحوا فيه بأن أكثر صِيَغ التعليل التي ذكرتها في الآيات الكريمة صيغٌ صريحةٌ، وأن أكثر الشريعة مُعَلَّلٌ، وذلك ظاهرٌ، قال ابن الحاجب في " مختصر المنتهى " (?) في مسالك العلة: إنها صريحٌ وتنبيهٌ وإيماءٌ، فالصريح مثل: لعلة كذا، أو لسبب، أو لأجل، أو كي، أو إذا، أو مثل: لكذا، أو إن كان كذا، أو بكذا، أو مثل " فإنهم يحشرون " (?). {فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38]، ومثل: " سها فسجد " (?). ثم ذكر الإيماء والتنبيه بعد ذلك، فأعرض عن هذا على ما قدمته لك في الأنواع المقدمة، والله الموفق.

بل ادعى ابن الحاجب في دليل العمل بالسَّبر وتخريج المناط إجماع الفقهاء على أنه لا بد للحكم من علةٍ وظهور التعليل وغَلَبَتِهِ، ثم احتج على ذلك بعد الإجماع بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، قال: والظاهر التعميم، وقرَّره الشُّرَّاح.

لكن قال الشيخ عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار الشافعي (?) في " شرحه ": إن ذلك إجماع الفقهاء وجوباً عند المعتزلة، وتفضُّلاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015