بحث في أن الاختلاف بين المعتزلة والجبرية وأهل السنة راجع إلى ثلاثة أقوال

السنة من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه، أن الله تعالى يقول: " إنما هي أعمالكم أُحصيها عليكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد شراً، فلا يَلُومَنَّ إلاَّ نفسه " (?).

فكيف يحسُنُ نسبتُها إلى الله تعالى من جميع الوجوه على الإطلاق، أو يحسن إيراد ما يوهم ذلك من العبارات، والله تعالى يقول: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180]، و {تَعالَى عَمَّا يقولون} [الإسراء: 43] فكيف يقال فيما تعالى عنه، وسبَّح نفسه العزيزة: إنه منه.

وقد أشار الغزالي إلى هذا المعنى بعبارة أخرى في كتاب محبة الله من " الإحياء " في السبب الرابع منه.

واعلم أن جميع الاختلاف والتطويل هنا يرجع إلى ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا (?) مشيئة، لا قبل مشيئة الله ولا بعدها، وهو قول الجبربة.

الثاني: أنه لا مشيئة لله ولا قدرة ولا أثر في فعل العبد إلاَّ الواجب عليه بعد التكليف عندهم، وهو قول المعتزلة.

وثالثها: أن للعبد مشيئةً واختياراً وفعلاً بتيسيره (?)، وهو قول أهل السنة.

فالمعتزلة احتجوا بقوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُم أنْ يَستَقِيمَ} [التكوير: 28].

وأهل السنة احتجوا بقوله بعد ذلك: {وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله} [التكوير: 29]، وكذلك: " لا حول ولا قوة إلاَّ بالله " وفي الكهف: {لا قُوَّةَ إلاَّ بالله} [39]، وفي ن: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: 17 - 18]، وذلك كثيرٌ معلومٌ ضرورةً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015