المقامُ الأول: المنع من ظهور معناها فيما زَعَمُوا، وذلك أن المنع يترتب على ظهور الاشتراك الذي يمنع تحقيقه من الظهور، وبيان الاشتراك الذي فيها ما في لفظة " ما " من الاحتمال المعلوم عند أهل علم البيان (?) ونُقَّاد هذا الشأن، فإنها مُحتَمِلَةٌ لمعنيين:

الأول: أن تكون موصولةً بمعنى: الذي، مثل قوله تعالى: {أتَعْبُدونَ ما تَنْحِتونُ} [الصافات: 95].

الثاني: أنها مصدريةٌ بمعنى: وعملكم. وعلى تقدير أنها موصولةٌ تكون أيضاً محتملةً لمعنيين:

أحدهما: أن المراد بالذي تعملونه الأصنام، أي تعملون أشكالها ومقاديرها، كما يقال: صنع النجار الباب، وهذا السيف صنعه فلانٌ، وتسميتُها معمولة حقيقة وعملاً مجازاً، أو حقيقة (?) عُرفِيَّة شائعة.

ومنه حديث رفاعة بن رافع البدري رضي الله عنه، وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم حين دعاهم إلى الإسلام: " من خلق السماوات والجبال؟ " قلنا: الله، قال: " فمن عمل هذه الأصنام التي تعبدون؟ " قلنا: نحن، قال: " فالخالق أحق بالعبادة أم المخلوق وأنتم عملتموها؟ والله أحق أن تعبدوه من شيءٍ عملتموه ".

رواه الحاكم في أول كتاب البر من " المستدرك " (?) وصحَّحَه، كما يأتي بإسناده وتمام متنه، وهو ظاهر كلام المفسرين.

قال البغوي (?): وما تعملون بأيديكم من الأصنام. هذا وهو من أهل السنة، وممن ظن مع هذا أن الآية تدل على خلق الأعمال.