في التسمية، وإن كان الكل بمشيئته سبحانه.
وكذلك قوله تعالى: {ألا لَهُ الخَلْقُ والأمْرُ} [الأعراف: 54] وهي أبينُ آيةٍ في هذا، لأنه قسَّم المسمَّيات فيها إلى قسمين مختلفين متغايرين:
أحدهما: الخلق، وهو أخصُّهما ولذلك قدمه.
وثانيهما: الأمر، وهو أعمُّهما ولذلك أخَّره، لأن الخلق نوع من جنس الأمر يدخل تحته بدليل قوله تعالى: {وإلَيْهِ يَرجِعُ الأمرُ كُلُّه} [هود: 123] فدخل فيه الخلق والأمر.
فإن قالت المعتزلة: يخرج منه التكاليف، لقوله تعالى في آخر الآية: {فَاعْبُدْه وتَوكَّلْ عليه} [هود: 123] فأمره بالعبادة، وما كان إلى الله لم يأْمُر به.
قلنا: هذا ممنوع لقوله تعالى: {واصْبِرْ وما صَبْرُكَ إلاَّ باللهِ} [النحل: 127] بأبلغ صيغ المبالغة، وهي الحصر بالاستثناء بعد النفي العام، وقد تقدم تقرير ذلك عقلاً وسمعاً مع منع الجبر قطعاً عقلاً وسمعاً.
وكذلك خصَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوعيد فيمن تعرَّض لمثل ذلك الجنس المُجْمَعِ على تسميته خلقاً، وقيل للمصوِّرين: " فليخلقوا حبَّةً أو شعيرةً " وقال - صلى الله عليه وسلم -: " أشدُّ الناس عذاباً يوم القيامة الذين يُضَاهُون بخلق الله، والذين يُشَبِّهُون بخلق الله " (?) ولم يقل لهم: اخلقوا قياماً ولا قعوداً، ولا قيل لمن قام وقعد: إنه ضاهى بخلق الله.
وكذلك في " الصحيح " (?) ذم الواشمات بتغيير خلق الله وتسميتهن المغيرات خلق الله، ففرَّق بين كسبهن الحادث وبين الخلق. ويشهد له من القرآن قوله تعالى: {ولآمُرَنَّهم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله} [النساء: 119].