ومعناهما واحدٌ عندهم، لأن الكسب يختص بفعل العبد دون فعل الرب، ولا يجوز أن يسمى الله تعالى كاسباً بخلاف الفعل فإنه مُشتَرَكٌ، فيجوز أن يُسَمَّى الله تعالى فاعلاً، وأن يُسَمَّى العبد فاعلاً، ثم الله تعالى يختص باسم الخالق المبدع المخترع، والعبد يختص باسم المطيع والعاصي وسائر أنواع الأفعال.

ولما كان الكسب يعُمُّ الطاعة والمعصية، ويختص بفعل العبد دون فعلِ الرب عز وجل، اختاروه (?) في التعبير عن فعل العبد كما اختاروا الخلق في التعبير عن فعل الرب عزَّ وجلَّ مع اعترافهم أن الفعل والكسب صادرٌ (?) عن العبد، وأنهما مترادفان، وله يُنْكِروا أفعال العباد، ولكن خصَّصُوها لتميز بعض أسمائها (?) الصحيحة لغة وشرعاً ونصّاً وإجماعاً وهو الكسب.

فإن كان المعتزلي لم يعرف ما الكسب، فليبحث كتب اللغة والتفسير، وليسأل ما معنى قول الله تعالى: {لها مَا كَسَبَتْ وعَلَيها ما اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286]، وقوله تعالى: {وتَشْهَدُ أرجُلُهم بما كانوا يكسِبُونَ} [يس: 65] وأمثال ذلك.

فإن قال: هو أعمال العباد من الواجبات والمحرمات، ترك مذهبه وأقرَّ بما قاله أهل الكسب، وإن فسَّره بتفسير المعتزلة ومذهبهم، وهو أمرٌ رابع ليس هو ذات الشيء ولا وجوده ولا كليهما (?)، فقد جاء في (?) المثل: رمتني بدائها وانسَلَّتْ (?)، وأين الكسب وجلاؤه ووضوحه من إثبات الذوات في الأزل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015