فإنه قلت: لأن تلكَ مسائل علمية عليها أدلة قطعية.
قلت: وليس كُلُّ علمٍ تحصيلُه أسهلُ من تحصيل الظَّنِّ، فإن كلامَنا في السُّهولة والصعوبة؛ ولعله لا يَخفي عليك أن تحصيل أدلة التأْمين، ووضع اليمنى على اليُسرى أسهل من معرفة أدلة العلم الكلامي على الوجهِ الصحيح من غيرِ تقليد ألبتة، ولو كان الظن أعسَر مِن العلم مطلقاً؛ كان ظنُّ إصابة جهةِ القبلة أعسرَ مِن العلم بدليل الأكوان، بل أعسرَ مِن علم المنطق والكلام، وهذا ما لا يليق التطويلُ فيه.
التنبيه الخامس عشر: القول بسهولة الاجتهاد قد قال به كثير من المتقدمين والمتأخرين من أهل المذهب، وغيرهم من أهل العصر، ومن تَقَدَّمهم.
حدثني حي الفقيه العلامة علي بن عبد الله بن أبي الخير (?) أن الشيخ أبا الحسين لم يكن يشترط في الاجتهاد إلا أُصولَ الفقه -يعني بعدَ معرفةِ الكتاب والسُّنة-، قال: ولم يُرِدْ إن العربيةَ ليست بشرطٍ، وإنما أراد أن المحتاج إليه منها قد صار في أُصول الفقه، وبقيتُها إنما يتعلَّق بإعراب الألفاظ.
وهذا القولُ لستُ أقولُ به، ولا أرتضيه، وإنما القصدُ الحكايةُ عن العارف الثقة.
وقد تكلَّم الفقيهُ عبد الله بن زيد (?) في الاجتهاد، ورخَّص فيه،