فإن قيل: فكيف يصح من العبد أن يختار أمراً وذلك الأمر مخلوقٌ لله عز وجل، والمخلوق لله تعالى كائن قطعاً.
والجواب من وجهين: معارضة وتحقيق (?):
الوجه الأول: وهو المعارضة بالعلم الذي تُقِرُّ به المعتزلة، فإنه يقال لهم: كيف يصح اختيار العبد في معلوم الله تعالى؟ فما أجابوا به، فهو جواب أهل السنة.
الوجه الثاني: وهو التحقيقُ أن اختيار العبد سابقٌ لخلق الرب سبحانه سَبْقَ الشرط للعلة المؤثِّرَة كما سيأتي.
وهذا السؤال قد تكرَّر وتكرَّر جوابه، فلا يُضْجَرُ منه، فإنه لا يخلو من فائدة أو زيادة وضوحٍ وبيان، وذلك وإن تكرر وطال خيرٌ من الجهل بمذاهب الرجال.
وقد ذكر الرازي هنا معارضاتٍ للمعتزلة، قصد بها بيان أن مذهب المعتزلة ليس بأوضح من مذهبهم لاستلزام كل مذهبٍ في هذه المسألة للجبر ونفي الاختيار، لولا انفصال كل فِرقةٍ عن ذلك بالأنظار الدقيقة والاعتبارات اللطيفة، وقد مضى شيءٌ من ذلك عند ذكر مذهب المعتزلة أول المسألة.
فإن قيل: إن المؤثِّر في قبح القبائح هو الإرادة، يوضحه الحديث المتفق عليه وعلى حُكْمِه " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىءٍ ما نوى " (?) والنية: