أن أعْلَمَه" (?). وهي دليلٌ أن جهل بعض العلوم أنفعُ.
وقد خرج البخاري حديث عُبادة في ليلة القدر، وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إنِّي أردتُ أن أخبركم بها، فتلاحى رجلان، فرُفِعَتْ، وعسى أن يكون خيراً لكم " (?).
وأصرحُ من هذا قوله تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة: 102].
وبيانُ ما ذكره سبحانه في الآية الأولى ضروري، وذلك أن خلقه مختلفون أشدَّ الاختلاف في الاستحسان والاستقباح كما قال بعضهم:
والذي أنت له مُستَحْسِنٌ ... ما على استقباحه عندي مَزيدُ
حتى قَضَتْ معتزلة بغداد بوجوب الأصلح على الله لأهل النار، وقضوا بوجوب تخليد العصاة في النار، وهم من المعجبين برأيهم، فكيف يمكن هذا مع موافقة الحق للخلق.
فثبت أن الحِكمة كما تقتضي بيان بعض العلوم، فقد تقتضي لَبْسَ بعضها، فكيف يطمع الذي لا يَمْلِكُ من العلم إلاَّ ما وهبه الله تعالى له في معرفة ما أراد الله تعالى لَبْسَه عليه، ولا سيما في معرفة تأويل المتشابه الذي ذمَّ الله تعالى من ابتغاه، وجعل طلبه من علامات الذين في قلوبهم زَيغٌ، وقرنه بابتغاء الفتنة، وقَصَرَ معرفته على الله تعالى، ولو كان الراسخون يعلمون، ما ذُمَّ من ابتغاهُ منهم، ولكان ذلك من جُملة طلب العلم، ووردت (?) النصوص بالحث عليه.