قال، فإنه رواه جماعة قالوا -واللفظ للحميدي-: حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، حدثني عروة بن الزبير، قال: سمعت: كرز بن علقمة. وتابع سفيان معمر بن راشد (?)، ويونس بن يزيد عن الزهري، وساق حديث معمر بمتنه وحروفه سواء، ثم قال: صحيح، وليس له علةٌ، ولم يخرجاه لتفرُّد عروة بالرواية عن كُرْز، وهو صحابي خُرِّجَ حديثه في مسانيد الأئمة.
قال الحاكم: سمعتُ الحافظ علي بن عمر -يعني الدارقطني- يقول: ما يُلْزِمُ البخاريَّ ومسلماً إخراج حديث كرز " هل للاسلام من منتهى " فقد رواه عروة بن الزبير، ورواه الزهري وعبد الواحد بن قيس كلاهما عنه (?). قال الحاكم: والدليل الواضح على ما ذكره أبو الحسن أنهما جميعاً اتفقا على حديث عتْبان بن مالك، وليس له راوٍ غيرُ محمود بن الربيع.
قلت: ومن أحسن الشواهد لمعناه قوله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] فالفتنة في هذه الآية خاصة بأهل الاستقامة، وهي لهم خيرٌ، لقوله تعالى: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} [الأنفال: 17].
ومن أحسن الأدلة على إرادة الابتلاء قوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} [طه: 15]، والحجة بيِّنةٌ في قوله: {أَكَادُ أُخْفِيهَا}.
وقال ابن الأثير في " نهايته " (?): " ذكر فتناً كأنها الظُّلَلُ ": هي السحابُ أو الجبال. قلت: السحاب أنسبُ لتطبيقها.