وهي تأويلُ المتشابه، كما دلَّت عليه قصة الخَضِر مع موسى عليهما السلام، وكما دلَّ عليه قوله: {وما يَعْلَمُ تأوِيلَه إلاَّ الله} [آل عمران: 7]، فلو أُريد الشر لكونه شراً لم يُحتج إلى تأويل: لا يعلمه إلاَّ الله، وقد أشار الله إلى هذا في جوابه على الملائكة حيث قال: {إنِّي أعلَمُ ما لا تَعْلَمونَ} [البقرة: 30].
ففي كل عقوبةٍ ظاهرة نعمة باطنة، ولذلك اختصَّ الله بوجوب شكره على ما ساء وسر، ونفع وضر، وقد صح النصُّ بذلك في الحدود، فإنها كفارةٌ مع كونها عقاباً ونَكالاً، ولا إشكال في شيءٍ من ذلك الشر إلاَّ (?) دوام العقاب، وسيأتي الاختلاف فيه، والمختار من ذلك.
وهذه القاعده توجب على أهل النار أن يحمدوا ربَّهم عليها لما لهم فيها من العدل والحكمة، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الزمر: 75]، وإلى ذلك أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " الحمد لله على كل حال، وأعوذ بالله من حال أهل النار " رواه ابن ماجه (?)، وفيه إشارةٌ إلى استحقاقه عزَّ وجلَّ الحمد لله على المعذَّبين بالنار،