ويشهد لذلك ما حكاه الله تعالى في كتابه الكريم عن الملائكة عليهم السلام حيث قالوا: {أتَجعَلُ فيها من يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدماء ونحنُ نُسَبِّحُ بحمدِك ونُقَدِّسُ لك قال إنِّي أعلَمُ ما لا تعلمون} [البقرة: 30].
ووجهُ المشابهة بينهما أن الكل سؤال عن وجه الحكمة، وفيما تحيَّرت فيه العقول من ذلك، وأن الله أجاب على من سأل عن تعيين الحكمة فيه (?) بردِّه إلى علمه، وهذا شأن المتشابه كلِّه الذي أخبر الله تعالى أنه لا يعلم تأويله إلاَّ هو.
فالعجب ممن يدعي معرفة الراسخين له، وهم فيه أكثر الناس وقفاً وحَيْرةً كما روى الطبراني عن وهبٍ، عن ابن عباس أنه سُئِلَ عن القدر؟ فقال: وجدت أصول الناس فيه حديثاً أجهلهم (?) به، وأضعفهم فيه حديثاً أعلمهم به، ووجدت الناظر فيه كالناظر في شُعاعٍ، كلما ازداد فيه نظراً ازداد فيه تحيُّراً. انتهى.
فلو عَلِمَه الراسخون، لعلَّمُوه المسلمين، إذ لا يصحُّ أن يستحيل على المسلمين تعلُّم ما عند الراسخين.
تم بعونه تعالى الجزء الخامس من
العواصم والقواصم
ويليه الجزء السادس وأوله
قالت المعتزلة: القول بأن أهل النار ........