وكما أن هذا يُفْحِمُ من ذهب إليه من الأشعرية، فإنه أيضاً يفحم المبتدعة من المعتزلة، فإنهم ذهبوا إلى تلازم الإرادة والمحبة، وإرادة الله تعالى متعلقة بالكفار وجوداً دون محبته، مع أن محبته عند المعتزلة ترجع إلى الإرادة أيضاً، ولكن مُتعلَّقها لا يصح إتحاده عندهم كما هو الصحيح عند الأشعرية.

فإيَّاك أيها السُّني والاغترار بكلام الجويني هذا، فإنه خلاف الكتاب والسنة والفطرة، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلاَّ من عصمه الله من الأنبياء والمرسلين.

على أن الإمام الجويني من أقرب الأشعرية إلى المعتزلة حتى عَدُّوه من الغُلاة في أثر قدرة العبد، فإنه جوَّز تأثيرها في إيجادِ الذوات، وزاد في ذلك على المعتزلة كما يأتي بيانه.

وما أحسن قول معاذ في سياق أثر عنه طويل: واتقِ زيغة الحكيم، قال الراوي: فقلت له: يرحمك الله وما زيغةُ الحكيم (?)؟ قال: هي التي يقال ما هذه ما هذه. خرجه أبو داود في آواخر كتاب السنن (?)

فإن قلت: هلا جوزت تسمية القبيح المقدر محبوباً من الوجه الذي قُدِّرَ لأجله، فإنه قدر لمصلحة راجحة ولم يكن تقديره عبثاً ولا سُدى، ولا يمنع من ذلك كونه مكروهاً لوجه قبحه لاختلاف الجهتين كما ذكرته في الوقوع، فلم منعته في الواقع ولو مجازاً مع ظهور العلاقة، وهي تقدير الحكيم له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015