ولما ضعف ذلك المعنى في حق المؤمنين لاعترافهم بفضل الله وعدله وحكمتِه، صرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك في حقِّ جزاء أعمالهم، وأخبرهم أنهم لا يدخلون الجنة إلاَّ برحمة الله، وهي الحكمة السابقة، وقطع بنفي تأثير أعمالهم في ذلك في حقيقة الأمر، كما اتفق أهل علم الحديث على صحته، وشهد له من القرآن آياتٌ كثيرة، كما يأتي في آخر هذه المباحث في الوهم الثلاثين.

وبالغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى حتى صرح أنه عليه الصلاة والسلام لا يدخل الجنة بعمله إلاَّ أن يتغمَّدَه الله برحمته (?).

ومن ثم (?) جاءت أحاديث (?) كثيرة مصرحة بأن كل أحد يأتي يوم القيامة وله ذَنْبٌ، إن شاء الله عذبه، وإن شاء عَفي عنه. سيأتي ذكرها وطرقها قريباً.

ويشهد له ما في حديث الشفاعة في " الصحيحين " من غير وجهٍ أن كل نبي غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذر بذنبه، ويخاف على نفسه، ويقول: نفسي نفسي إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِمَا ثبت من الغُفران المطلق له فيما تقدَّم وتأخر (?).

ويشهد لذلك حديث عائشة عنه - صلى الله عليه وسلم -: " من حُوسِبَ عُذِّبَ " أخرجاه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015