يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون} [إبراهيم: 11]، وقال: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] أي: يجعل فيه نوراً يقبل به الإسلام، ويُحَبِّبُه إليه {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} [الأنعام: 125]، فمن لم يكن له من الله نورٌ فما له من نورٍ، وقال: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون} [الأنعام: 110] يقال في التفسير: نقلِّبُ أفئدتهم وأبصارهم على الكفر عقوبة كما لم يؤمنوا به أوَّل مرة.

وقال محمد في المسائل: إن الله خلق الخلق بقدرته، وجعل بينهم التفاضل بعلمه، وجعل منهم عباداً اختارهم لنفسه ليحتجَّ بهم على خلقه، قال الله: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [الإسراء: 55]، وقال: {ولقدِ اختَرنَاهُم على عِلْمٍ على العَالَمِينَ} [الدخان: 32] وقال: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} [الإسراء: 21]، وقال {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النور: 21]، وقال: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَم} [الأحزاب: 7] وكان فضل الله عليهم ورحمته قبل طاعتِهم إيَّاه.

وقال الحسن ومحمد في وقتٍ آخر: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، فيُحَبِّب إليه الإيمان، ويجعل في قلبه نوراً يقبل به الإسلام، ويُخْطِرْ على قلبه الخير، ويُزَيِّن في قلبه التقوى مَنَّاً منه على عباده ورحمةً وفضلاً، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصَّعَّد في السماء فمن لم يكن له من الله نورٌ فما له من نُور، قال الله عز وجل: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون} [الأنعام: 110].

قال الحسن: وقال سبحانه: {ولو أنَّنا نَزَّلنا إليهم الملائكةَ وكلَّمهم الموتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015