صفة نُقصانٍ - يعني والذي خالفوا فيه تفسير الاستقباح باستحقاق الذمِّ عاجلاً والعقاب آجلاً على فعل ما هو صفة نقصٍ بمجرد العقل، فتحقيق مذهبهم: أنه لا فرق بينهم وبين المعتزلة في القطع بامتناع صفة النقص -كالكذب وتصديق الكاذب-، لكن اختلفوا في العلة، فعند المعتزلة: أن العلة استحقاق الذمِّ به عقلاً في حق الله تعالى لو قُدِّرَ صدوره عنه، وعند الأشعرية: العلة كونه صفة نقصٍ عقلاً، وصفة النقص مُحالة عليه، فلو فعله لم يستحق الذمَّ عقلاً عند الأشعرية، لكن فعله عليه محالٌ. ومستند الأشعرية في الوجوب وجوب كمال واجب الوجود، وكمال غناه لقدمه، وصفات (?) النقص إنما تكون بداعية الحاجة والافتقار، وهو محالٌ في حقِّ من سبق وجوده الموجودات غنياً عنها، وإذا قد ثبت باتفاق الفريقين أن وجود الرب متقدم تقدم وجوب على جميع الموجودات، وأنه في حال تقدُّمه هذا غنيٌّ عنها، فلا يصحُّ أن يكون وجودها بعد غناه عنها فيما لا نهاية له من القِدَمِ مُوجباً لحاجته إليها، لأن وجود الحوادث لا يُغيِّرُ القديم في ذاته ولا صفاته الواجبة، وإذا لم تُغَيِّر لم يغيِّر غناه عنها. ولعل هذا هو المدرك الآخرُ الذي أشار إليه ابن الحاجب في " مختصر المنتهى ".
وقد نقل الزركشي في " شرحه لجمع الجوامع " للسُّبكي عن قوم أنهم توسَّطوا. فقالوا: قبحُ القبائح ثابتٌ بالعقل، وكذلك الذمُّ عليها، وأما العقاب، فبالشرع. قال: وهو الذي ذكره سعد (?) بن علي الزَّنْجَاني من الشافعية، وأبو الخطاب (?) من الحنابلة، وذكرَتْهُ الحنفية، وحكوه عن أبي حنيفة، قال: وهو