قلنا: لا يمكن ادّعاء إجماع الصحابة على ذلك، فقد رُوِي عن عائشة لما سمِعَتْ قائلاً يقول: إن محمداً رأي ربه، فقالت: لقد قفَّ شعري مما قلت ثلاثاً من زعم أن محمداً رأي ربه، فقد أعظم الفِرْيَةَ على الله ثم تلت قوله تعالى (?): {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} (?).

وبعد، فمعلومٌ من حال أمير المؤمنين علي عليه السلام، وأكابر الصحابة أنهم كانوا ينفون الرؤية عن الله تعالى، وأنت إذا نظرت (?) في خُطَب أمير المؤمنين، وجدتها مشحونةً بنفي الرؤية عن الله، فبطل ما قالوه، والحمد لله.

ومما يتعلقون به: أخبارٌ مرويَّةٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأكثرها (?) يتضمَّن الجبر (?) والتشبيه، فيجب القطع بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقلهُ، وإن قال، فإنما قال حكايةً عن قومٍ، والراوي حذف الحكاية، ونقل الخبر من جملتها، وهو أسف (?) ما يتعلقون به ما يُروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر " (?).

قلنا (?): في الجواب عن هذا طرق ثلاث:

أحدها: هو أن هذا الخبر يتضمن الجبر (?) والتشبيه، لأنا لا نرى القمر إلا عالياً مُدَوَّرَاً مُنَوراً، ومعلوم أنه لا يجوز أن يُرى القديم على هذا الحدِّ، فيجب أن يُقطع أنه كذبٌ على النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقله، وإن قال، فإنما قال حكايةً عن قومٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015