وأما أنَّ الدليل السمعي قد دلَّ على تعليل عدم إدراكه بأمرٍ (?) يرجع إلى قدرته وعزته، فذلك كثيرٌ جداً في الكتاب والسنة.
أمَّا القرآن، فقوله تعالى: {أو من وراء حجاب} [الشورى: 51]، وقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15]، وقوله: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143]. والقرائن تضطر إلى أنه لا يصح تأويل (?) تجليِّه سبحانه للجبل، لأنه لو كان مؤولاً، كان أجنبياً عن الرؤية.
وأما السنة، فأكثرُ مِن أن تحصر (?)، ولا تحتاج إلى ما فيها من ذكر الحُجْبِ بعد ورود نصوص (?) الله تعالى بذلك. ولقد جاء ذلك من طريق زيد بن علي عليه السلام، كما رواه محمد بن منصور في " الجامع الكافي " على مذهب الزَّيدية. وهذا وجهٌ جليٌّ، لا غبار عليه، وإنما تكلَّفت (?) المعتزلة على منعه بقيام الدليل العقلي عندهم على استحالة ذلك.
وقد بيَّنَّا فيما تقدم أن أدلتهم العقلية كلها راجعةٌ إلى القطع بالنفي للشيء عند عدم العلم به، وأن ذلك باطلٌ.