والحاكم على تشيُّعه وسائر أهل السنة (?)، ونفوا عن عائشة إنكار ذلك كما هو ثابتٌ عنها في " البخاري " و" مسلم " فلم ينقل أحد أنَّهم احتجوا على ابن عباس في التعطيل، ولا ألزموه في قوله الكفر والتشبيه وقد ناظر في ذلك هو وأصحابه، واحتجُّوا بظاهر الآيات في سورة النجم، ولم يكفِّرهم أحدٌ، ولا قال: إنَّ ظاهر تلك الآيات كفرٌ وتشبيه، وإنَّما احتجُّوا عليهم بالسمع. وفي الحديث السابع والثلاثين بعد المئة من مسند عائشة في " جامع " ابن الجوزي (?) أن عائشة احتجت على مسروقٍ في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما رأي ربَّه بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]. فدل على أنها لم تذهب إلى أن الرُّؤية مستحيلةٌ غير مقدورةٍ لله تعالى، لاحتجاجها بهذه الآية، فإنه يدلُّ على أنها محكمة عندها، بل قد روت عائشة الرُّؤية في الآخرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي. وإن (?) الحاكم أخرجه (?) عنها في " المستدرك ".
وهذا يدلُّ على أنها لم تعتقد الإحالة، وإنما أنكرت الرُّؤية في الدنيا لورود السمع بنفيها.
وأوضحُ من ذلك أن الله تعالى ما احتج بالتعطيل قطُّ على عُبَّاد الأصنام، بل احتج بأنهم عبدوا ما لا يضرُّ ولا ينفع، ولا يُبصر، ولا يسمع، ونحو ذلك.
قال تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [المائدة: 76] وقال: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا} [الأنعام: 71].
قال الزمخشري في تفسيرها (?): وهذا دليلٌ قاطعٌ على أن أمره يعني عيسى عليه