وثالثها: أن هذا المدعى الذي ذكروه لا يصح تقديره فيما موارده (?) إظهار المحامد وبيان الممادح.
ورابعها: أنه لو كان -كما ذكروه- لورود (?) السمع بما ظاهره القبح الضروري المتفق عليه ليُثاب (?) المكلَّفون بتأويله، كنسبة الظلم والولد والشركاء وسائر النقائص -تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً- فإنه يمكن تكلُّف التجوزات البعيدة في ذلك كما زعمه الزمخشري في تأويل قوله تعالى: {أمَرْنَا مُترَفِيهَا فَفَسَُوا فيها} [الإسراء: 16] فإنه زعم أن المراد: أمرناهم بالفسق مجازاً (?).
وسوف يأتي في الوهم الثامن والعشرين تمام البحث فيما يتعلق بهذا المعنى من الأسئلة (?) إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني: في الإشارة إلى طرفٍ من هذه الآيات التي تعارض دعوى تعطيله عزَّ وجلَّ من كل الجهات، وذلك في القرآن والسنة متنوعٌ أنواعاً كثيرة، فمن أنواعه: قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158]، وقولُه: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210]، وقوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22]، ومن أنواعه: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} [الشورى: 51]، وقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15]، وما جاء في ذكر الحجب من السنة من رواية زيد بن علي -عليهما السلام- ومن رواية أهل الحديث، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وهي حُجُبٌ حاجبةٌ للعباد، محيطةٌ بهم، لا بالله -عزَّ وجلَّ- فافْهم هذه الفائدة، فإنها مهمَّة.