لها من آيةٍ قاطعةٍ للمبطلين لمن تأمَّلها في كلِّ موضعٍ مع ظاهر قوله: {ما فَرَّطْنَا في الكتابِ من شَيءٍ} [الأنعام: 38]، فإن الله سبحانه لم يُخْلِ كتبه الكريمة من بيان مهمَّات الدِّين. وقول المتكلمين: إن ظاهر هذه الآيات قبيحٌ، جنايةٌ على كتاب الله تعالى، فإنه لا يشكُّ منصفٌ (?) أنها جاءت -أو كثيرٌ منها- على جهة التمدُّح منه عزَّ وجلَّ بالرحمن الرحيم، العلي العظيم، فجعلوا ما تمدَّح به يقتضي بظاهره غاية الذم والسَّبِّ باستلزام ظاهِرِه تشبيه (?) العبيد المساكين المخلوقين، وليس يرضى بمثل هذا عاقلٌ أن يَقصِدَ التمدح بما ظاهره النقص لنفسه، والقدح في عرضه، كيف الملك الحميد الذي صحَّ عن أعلم الخلق به أنه لا أحد أحبُّ إليه المدح منه، من أجل ذلك مدح نفسه (?)؟ فكيف يكون أظهر المعاني من كلامه الذي المقصود منه التمدح يقتضي نقيض المقصود، مع أنه أبلغ الكلام والبلاغة تقتضي بلوغ المتكلم لبيان مراده على أبلغ الوجوه؟ فكيف يستكثر من لا أحد أحبُّ إليه المدح منه مما ظاهرُه الذمُّ، ويكون ذلك في السبع المثاني المتكرِّرة في الصَّلوات، وفي أول كل سورةٍ من المصاحف المكرمات؟ وقولهم: إن المقصود بذلك تعريضُ المكلَّفين إلى دَرْكِ الثواب العظيم بالنظر في تأويله مردودٌ بوجوه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015