يصح، ولا يخفى بطلانه على أحد. وفي مثل ذلك يحكم العاقل خصمه فيما ادَّعاه (?)، حتى إنه إذا ادعى الباطل لم يزد على أنه أودى (?) بنفسه وحقَّق للسامعين تعمُّده للباطل، وإن أقرَّ بالحق، حصل المقصود (?).
ومن (?) ها هنا وقعت البهاشمة من المعتزلة في البدعة الكبرى، حيث قالوا: إن الله تعالى لا يعلم من نفسه (?) إلاَّ ما يعلمون، فتعالى الله عما يقولون علواً عظيماً، بل هو أعز وأجل من أن يحيطوا به علماً، وهم أحقر وأقل من ذلك كما نص عليه كتاب الله تعالى حيث قال متمدحاً: {ولا يُحيطُونَ به عِلْمَاً} [طه: 110]، وقد بالغ ابن أبي الحديد في نُصرة قول أمير المؤمنين عليه السلام، وذكر أنه قولٌ لم يزل فضلاء العقلاء مائلين إليه معوِّلين عليه، وأنشد في ذلك من الأشعار المستجادة ما يطول ذكره ويطيبُ ويشتمل على كل معنى عجيب، وقد ذكرت ذلك في " ترجيح أساليب القرآن " (?) وجوَّدته. فخذه من هناك. فأهل السنة لزموا الأدب عملاً بقوله تعالى: {ولا يُحيطُونَ به عِلْمَاً} (?) [طه: 110]، وبقوله تعالى: {ولا تَقْفُ ما ليس لك بهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] فأثبتوا الذات على وجهٍ يعقلُ جملةً لا تفصيلاً، وآمنوا بما علمهم الله من تفصيل تلك المعارف في تلك الجملة، وهذا من محارات العقول بإقرار العقول (?) وشهادة (?) المنقول، أعني تفصيل الكلام في ذات الله تعالى.