وأما الهجوم على الجزم باعتقاد أحد الأقوال في مسائل الخلاف النَّظريَّة من غير نصٍّ من كتاب الله تعالى، ولا سنَّةٍ (?) صحيحةٍ من مُحَدِّثٍ جامد، فيُعَرَّض للخزي في الدنيا والآخرة. نسأل الله السلامة.
فإيَّاك أيُّها السُّنِّيُّ، وطول اللجاج، وشِدَّة الشَّكيمة في مسألة اللفظ (?)، وفي مسألة الحدوث، وفي مسألة القِدَمِ، واقتصر على أن القرآن كلامُ الله حقيقةً، وأنه كلَّم موسى عليه السلام، وكلَّم من شاء من أنبيائه، كما قال: منهم من كلم الله [البقرة: 253] مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيءٌ، وسمِّ القرآن بما سمَّاه الله تعالى من الأسماء الشريفة، وكِلْ حُكْمَ من تعدِّى ذلك من المختلفين إلى الله تعالى.
فإن قلت: ما الذي مَنَعَ أحمد بن حنبل وغيره من أهلِ الحديث من مُوافقةِ الظاهريَّة على حدوث القرآن مع أنه ظاهر الآيات، ومع أنه (?) لا يقتضي ردَّ قوله تعالى: {وكلَّمَ اللهُ مُوسى تكليماً} وأمثالها، ومع كونهم لا يرون (?) تأويل الظواهر بالرأي، والتمحُّل (?) البعيد بغير موجبٍ؟
الوجه الأول: أنهم رأوا للحدوث معنيين: حدوثاً نسبيّاً، وحدوثاً مُطلقاً، فالحدوث النسبي (?) بالنظر إلى نزوله، ومجيء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجبريل عليه السلام، كقوله تعالى: {إنَّه لَقَوْلُ