الطائفة الأولى: من قال بأن المعارف ضرورية، لقوله تعالى: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} [إبراهيم: 10]، ولغير ذلك كما سيأتي، ويجعل النظر (?) شرطاً اعتيادياً (?) غير مؤثرٍ، وهم أقوى هذه الطوائف حجة لأنهم لم يسقطوا وجوب النظر في الجملة، ولا طرحوا المعلوم من ثمرته بالفطرة، ولا جحدوا المعلوم منه عن سلف الأمة، ومع ذلك، فلم يبتدعُوا القول بوجوب النظر في الدقائق، والطرائق المبتدعة، وإنما يوجبون من النظر ما يوجبه أهل السنة، وهو النظر فيما أمر الله بالنظر فيه، وفيما عُلِمَ من الأنبياء وأصحابهم وخير أسلافهم أنهم اعتمدوه من النظر في المعجزات، والمخلوقات من غير شعورٍ بترتيب المقدمات على الشرائط المنطقيات، وما ذكره الغزالي في " القسطاس " (?) من كون تلك المقدمات معلومة لجميع العقلاء، واردة (?) في المعنى في كتاب الله تعالى لا يستلزم وجوب الخوض في المنطق والكلام، بل يوجب الاستغناء عن ذلك بالفطرة كما أن من يعرفُ وزن الشعر بالفطرة، ويقوله على أبلغ الوجوه لا يحتاج إلى قراءة علم العروض، ولا يمتنعُ أن يرد الشرع بالمنع عمَّا يستغنى عنه لحكمةٍ استأثر الله بعلمها، كما ورد بالنهي عن كثيرٍ مما لم يُدرك بالعقل قُبْحُهُ، بل ورد بالنهي عن كثيرٍ ممَّا ظاهِرُهُ قُرْبَةٌ، كصلاة الحائض (?)،