فلا يمتنع كَتْمُ شيءٍ مِنَ الحقِّ الَّذي لا تَعَلَّقُ المصلحةُ بظهوره، ولا تَمَسُّ الحاجةُ إليه (?)، بل في قوله تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُم ولا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة: 102]، ما يدُلُّ على أنَّ جهل بعضِ العُلوم أولى، ويدلُّ على هذا مفهومُ قوله تعالى: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيه} [الزخرف: 63]، وقوله: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، ومنه منعُ الملائكة مِمّا عُلَّمَهُ آدمُ مِنْ علم الأسماءِ، ومنعُ موسى مِمّا عُلّمَهُ الخَضِرُ مِنْ علمِ التّأويل، وفي الصحيح " أنَّ الخَضِرَ قال لموسى: إِنَّك على عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ، فلا ينبغي لي أنْ أعْلَمَهُ، وإنِّي على علمٍ من عِلْمِ الله، لا ينبغي لَكَ أنْ تعلمَهُ " (?).

الموضع الثالث: تأويل العالم مع نفسه في سر قلبه

قال الشيخُ: الموضعُ الثالث: تأويلُ العالِمِ مع نفسِه في سِرِّ قلبه بينَه وبَيْنَ ربِّه، وذلك لا يخلو مِنْ ثلاثةِ أوجه:

إما أن يكونَ الذي انقدح في سِرَّه هو المرادُ به مقطوعاً به، أو مشكوكاً فيه، أو مظنوناً ظنّاً غالِباً، فالمقطوعُ به معدومٌ؛ لأن معرفته مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015