وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {بَادِيَ الرَّأي} [هود: 27] (?): "أي بمجرد ما دعوتَهم استجابوا لك من غير نظر" (?)، و (?) هذا الَّذي ذمُّوهم به هو عين ما يمدحون به فإنَّ الحَقّ الظَّاهِر لا يحتاج إلى رَوِيّةٍ، ولا فكر، ولا نظر، بل يجبُ اتِّباعُه والانقيادُ إليه متى ظهر، ولِهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مادِحَاً الصِّدِّيق (?): " ما دعَوْتُ أَحَداً إلى الإسْلامِ إلاَّ كَانَتْ لَهُ كَبْوَة غيرَ أبي بكرٍ، فإنّه لَمْ يَتَلَعْثَمْ " (?).
وإنَّما يُنكرون مِنْ عِلْمِ النَّظَرِ أمرين:
أحدهما: القولُ بأنَّ النَّظر فيما أمر اللهُ تعالى بالنظر فيه، وجرت به عادةُ السَّلف غَيْرُ مفيدٍ للعلم، إلاَّ أنَّ يُرَدَّ إلى ما ابتدع من طريق المتكلمين، بل هو عندهم كافٍ شافٍ (?)، وإن خالف طرائقَ المتكلمين (?).
وثانيهما: أنَّهم يُنكرون القولَ بتعيُّنِ طرائقِ المنطقيِّين والمتكلِّمين للمعرفة، وتجهيلِ مَنْ لم يَعْرِفَها، وتكفيرِه، فَهُمْ في إنكار عِلْمِ الكلام،