قوله صلى الله عليه وآله وسلم452: "إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان 453". فما خرج الناس إلا بهذا وأمثاله. ولو أن عظيمها وابن عظيمها وشريفها وابن شريفها الحسين يسعه بيته أو ضيعته أو إبله- ولو جاء الخلق يطلبونه ليقوم بالحق وفي جملتهم ابن عباس وابن عمر لم يلتفت إليهم- وحضره ما أنذر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما قال في أخيه454، ورأى أنها قد خرجت عن أخيه ومعه جيوش الأرض وكبار الخلق يطلبونه فكيف ترجع إليه بأوباش الكوفة، وكبار الصحابة ينهونه وينأون عنه؟ وما أدري في هذا إلا التسليم لقضاء الله، والحزن على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقية الدهر. ولولا معرفة أشياخ الصحابة وأعيان الأمة بأنه أمر صرفه الله عن اهل البيت، وحال من الفتنة لا ينبغي لأحد أن يدخلها، ما اسلموه أبدا.
وهذا أحمد بن حنبل- على تقشفه وعظيم منزلته في الدين وورعه- قد أدخل عن يزيد بن معاوية في كتاب الزهد أنه كان يقول في خطبته إذا مرض أحدكم مرضا فأشفى ثم تماثل، فلينظر إلى أفضل عمل عنده فيلزمه، ولينظر إلى أسوأ عمل عنده فليدعه وهذا يدل على عظيم منزلته عنده حتى يدخله في جملة الزهاد من الصحابة والتابعين الذين يقتدى بقولهم