حتى يكون الرجلان يحكمان بين الدعويين بالحق، فكان من جهة علي الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت301، ورفعت المصاحف من أهل الشام، ودعوا إلى الصلح، وتفرقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجل أبو موسى302، ومن جهة معاوية عمرو بن العاص.
وكان أبو موسى رجلًا تقيًا ثقفًا فقيهًا عالِمًا حسبما بيناه في كتاب سراج المريدين303، أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن مع معاذ، وقدمه عمر وأثنى عليه بالفهم304، وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أنه كان أبله، ضعيف الرأي، مخدوعًا في القول، وأن ابن العاص كان ذا دهاء وأرب حتى ضربت الأمثال بدهائه تأكيدًا لما أرادت من الفساد، وتبع في ذلك بعض الجهال بعضًا، وصنفوا فيه حكايات، وغيره من الصحابة كان أحذق منه وأدهى. وإنما بنوا ذلك على أن عمرًا لما غدر أبا موسى في قصة التحيكم صار له الذكر في الدهاء [والفكر] .