[الفرق بين واقعتي استلحاق زياد وابن وليدة زمعة]

وأما (نكتة الكلام) وهو القول في استلحاق معاوية زياداً وأخذ الناس عليه في ذلك، فأي إخذ عليه فيه إن كان سمع ذلك من أبيه؟ وأي عار على أبي سفيان في أن يليط بنفسه ولد زنا كان في الجاهلية. فمعلوم أن سمية لم تكن لأبي سفيان، كما لم تكن وليدة زمعة لعتبة، لكن كان لعتبة منازع تعين القضاء له، ولم يكن لمعاوية منازع في زياد.

اللهم إن هاهنا نكتة اختلف العلماء فيها، وهي أن الأخ إذا استلحق أخا يقول هو ابن أبي ولم يكن له منازع بل كان وحده، فقال مالك: يرث ولا يثبت النسب. وقال الشافعي - في أحد القولين - يثبت النسب ويأخذ المال، هذا إذا كان المقر به غير معروف النسب. واحتج الشافعي بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر» فقضى بكونه للفراش وبإثبات النسب. قلنا هذا جهل عظيم، وذلك أن قوله إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بكونه للفراش صحيح، وأما قوله بثبوت النسب فباطل، لأن عبداً ادعى سببين: أحدهما الأخوة والثاني ولادة الفراش. فلو قال النبي صلى الله عليه وسلم: هو أخوك، الولد للفراش. لكان إثباتاً للحكم، وذكراً للعلة. بيد أن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عن الأخوة ولم يتعرض لها، وأعرض عن النسب ولم يصرح به، وإنما في الصحيح في لفظ «هو أخوك» ، وفي آخر «هو لك» ، معناه فأنت أعلم به. وقد مهدنا ذلك في مسائل الخلاف (?) .

فالحارث بن كلدة لم يدع زياداً ولا كان إليه منسوباً، وإنما كان ابن أمته ولد على فراشه - أي في داره - فكل من ادعاه فهو له، إلا أن يعارضه من هو أولى به منه، فلم يكن على معاوية في ذلك مغمز، بل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015