فبمن يكون؟ والدليل عليه انعقاد الإجماع أنه لم يتقدمهم في الفضيلة أحد إلى يومنا هذا، ومن بعد مختلف فيه، وأولئك مقطوع بهم، متيقن إمامتهم، ثابت نفوذ وعد الله لهم، فإنهم ذبوا عن حوزة المسلمين، وقاموا بسياسة الدين. قال علماؤنا: ومن بعدهم تبع لهم من الأئمة الذين هم أركان الملة، ودعائم الشريعة، الناصحون لعباد الله، الهادون من استرشد إلى الله. فأما من كان من الولاة الظلمة فضرره مقصور على الدنيا وأحكامها.
وأما حفاظ الدين فهم الأئمة العلماء الناصحون لدين الله، وهم أربعة أصناف:
الصنف الأول: حفظوا أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم بمنزلة الخزان لأقوات المعاش.
الصنف الثاني: علماء الأصول: ذبوا عن دين الله أهل العناد وأصحاب البدع، فهم شجعان الإسلام، وأبطاله المداعسون عنه في مآزق الضلال (?) .
الصنف الثالث: قوم ضبطوا أصول العبادات، وقانون المعاملات وميزوا المحللات من المحرمات، وأحكموا الخراج والديات، وبينوا معاني الأيمان والنذور، وفصلوا الأحكام في الدعاوى، فهم - في الدين - بمنزلة الوكلاء المتصرفين في الأموال.
الصنف الرابع: تجردوا للخدمة، ودأبوا على العبادة، واعتزلوا الخلق. وهم - في الآخرة - كخواص الملك في الدنيا.
وقد أوضحنا في كتاب (سراج المريدين) في القسم الرابع من علوم القرآن أي المنازل أفضل من هؤلاء الأصناف، وترتيب درجاتهم.