وكان أبو موسى رجلًا تقيًّا فقيهًا عالمًا حسبما بيناه في كتاب (سراج المريدين) ، وأرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن مع معاذ، وقدمه عمرو وأثنى عليه بالفهم (?) . وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أنه كان أبله ضعيف الرأي مخدوعًا في القول، وأن ابن العاص كان ذا دهاءٍ وأرب حتى ضربت الأمثال بدهائه تأكيدًا لما أرادت من الفساد، اتبع في ذلك بعض الجهال بعضًا وصنفوا فيه حكايات. وغيره من الصحابة كان أحدق منه وأدهى، وإنما بنوا على أن عمرًا لما غدر أبا موسى في قصة التحكيم صار له الذكر في الدهاء والمكر.
وقالوا: إنما لما اجتمع بأذرح من دومة الجندل (?) وتفاوضا، اتفقا على أن يخلعا الرجلين (?) . فقال عمرو لأبي موسى: اسبق بالقول. فتقدم